الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طفلتي تتصرف بغرابة أثناء النوم وزوجي يختلف عني في منهجه التربوي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزى الله القائمين على هذه الشبكة المباركة كل خير.

ابنتي تبلغ من العمر 6 سنوات، وهي الثانية في الترتيب بين إخوتها، لا أعلم على وجه التحديد متى بدأت مشكلتها، ولكنها لا تستطيع النوم بمفردها، إذ اعتادت أن تنام بجواري، علمًا أن جميع أبنائي ينامون معي في سرير واحد، ولكن بعد اطلاعي على بعض الاستشارات عبر شبكتكم الكريمة، بدأت تدريجيًا بمحاولة فصلهم عني في النوم.

ابنتي صاحبة المشكلة تنام مع أختها الكبرى، التي تبلغ من العمر 8 سنوات، وتنام في سرير منفصل، إلا إنني لاحظت أن ابنتي أثناء النوم تقوم بتصرفات غريبة، إذ تبدأ بلمس أختها بشكل مزعج مستخدمة أصابع يديها ورجليها، وكأنها تقوم بعمل مساج إن صح التعبير، وأحيانًا تغرز أصابع قدميها في أي مكان تصل إليه، هذا السلوك لم يظهر مع أختها فقط، بل كانت تفعله معي عندما كانت تنام بجانبي، وعندما أناديها باسمها أثناء نومها، تتوقف مباشرة عن هذا الفعل، وكأنها كانت مستيقظة، مع أنها في الغالب تكون نائمة بعمق.

والجدير بالذكر أن ابنتي هذه تدرس في مركز لتحفيظ القرآن الكريم، وهي متفوقة وذكية، حتى في استخدام الحاسوب -ولله الحمد-.

أما المشكلة الثانية: فتتعلق بتفاوت أسلوب التربية بيني وبين زوجي، فرغم وجوده الدائم معنا، إلا إنه يفضل النوم مبكرًا؛ بسبب طبيعة عمله، ونحن نختلف كثيرًا في طريقة التعامل مع الأبناء، أنا أحرص على البحث عن أفضل الطرق التربوية من خلال استشاراتكم وغيرها من المصادر، وأقوم بإطلاعه عليها، فيبدي إعجابه بها نظريًا، لكن عند أول موقف عملي، يضرب بهذه المبادئ عرض الحائط.

زوجي عصبي بطبعه، ولا يُظهر تساهلاً حتى مع أصغر أبنائنا، والذي لم يبلغ بعد عامًا ونصف العام، فقد يضربه أحيانًا، ويشتم البنات بألفاظ مثل: يا بليدة! وأحيانًا يدعو عليهم بأدعية سلبية، ولا يكاد يمر موقف دون أن يشتم أو يدعو عليهم بألفاظ أراها مدمّرة لنفسياتهم!

سؤالي هو: كيف أوفّق بين أسلوبي التربوي وأسلوبه؟ لا أريد أن نظهر أمام الأبناء وكأننا على خلاف دائم بشأن طريقة التعامل معهم، وبمعنى أدق، كيف أمتصّ أساليبه السلبية، دون أن أضعف أمام الأبناء، أو أساهم في ترسيخ هذه التصرفات في شخصياتهم؟

أرجو منكم التوجيه، وقد أجعله يطّلع على هذه الاستشارة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد اتخذتِ الإجراء الصحيح، وهو فطام هذه الابنة بالتدريج عن النوم معك في سرير واحد، ويظهر أن هذا المنهج التدريجي بدأت تظهر نتائجه بصورة إيجابية، حيث إن الابنة –حفظها الله– أصبحت تتقبل هذا الوضع، وإن كان تظهر لديها هذه العلة التي ذكرتها، وهي أنها تقوم أثناء الليل بتلمس أختها بصورة مزعجة.

هذا نوع من الحركات النومية، مثل: الكلام أثناء النوم، أو المشي أثناء النوم، وهذا نشاهده لدى الأطفال القلقين والذين لديهم بعض المخاوف، وكذلك نشاهده في بعض الأسر، فالعوامل الوراثية قد تلعب دورًا في ذلك.

الذي أنصح به: هو طمأنة الابنة، وفي ذات الوقت ننصحها أن تحرص على أذكار النوم وتعليمها ذلك، واجعليها تنام في السرير بالقرب من أختها، لا تجعليها تنام لوحدها، وإنما تكون الأسرة متقاربة بعض الشيء، كما أنه من الواجب أن تُوضع عليها مسئولية إطفاء الإضاءة، هذا مهم جدًّا، نجعلها هي التي تقوم بإطفاء الأنوار، ونجعلها هي التي تذكر أختها بأذكار النوم، ولا نكثر من انتقادها، ولا نكثر من ذكر هذه الحوادث التي تقوم بها ليلًا؛ لأن العملية عملية لاشعورية، وهي تدل على وجود القلق، وسوف ينتهي -إن شاء الله تعالى-.

في بعض الأحيان نعطي هؤلاء الأطفال دواء يعرف تجاريًا باسم (تفرانيل Tofranil)، ويعرف علميًا باسم (امبرمين Imipramine)، والجرعة التي يحتاجها الطفل في عمر ست سنوات هي 10 مليجرامات فقط، وتعطى ليلًا لمدة شهرين أو ثلاثة، فإذا أردتم أن تجربوا هذا الدواء فلا بأس، وإن كنتُ لا أميل له كثيرًا بالرغم من سلامته، لأني أرى أن حالة الابنة -إن شاء الله- بسيطة، وهي لديها كثير من عوامل الاستقرار، فهي في مركز تحفيظ القرآن، وهي متفوقة، وذكية حتى في مجال الكمبيوتر.

وسيكون من المفيد لها أن لا تتناول الشوكولاتة، وقد تستغربين لذلك؛ لأن الشوكولاتة في بعض الأحيان تؤدي إلى اضطرابات نومية لدى بعض الأطفال، وقد تزيد من القلق.

أرجو أن تشجعي هذه الابنة على ممارسة الرياضة، مثل: رياضة نط الحبل وما شابهه؛ فهي جيدة جدًّا، تمتص طاقات الغضب والقلق والتوتر لدى الأطفال.

أرجو أن تطوري مهارات ابنتك الاجتماعية، هذا ينطبق على الابنة الثانية بالطبع، فحاولي أن تحددي بعض المهام لكل منهما ليقوما بها، وبعد ذلك تقومين أنت بالمقارنة فيمن أنجزت أحسن ومن لم تنجز بصورة دقيقة، ولكن -إن شاء الله- في اليوم الثاني تعطى مهمة أخرى وتقوم بإنجازها.

دعيها مثلًا أن ترتب خزانة ملابسها، أن تجهز سريرها وترتبه، أو أن تذهب معك إلى المطبخ وتحضر الأشياء البسيطة مثل الشاي، وأن تشارك في غسيل الأواني، هذه -أختي الكريمة- مهارات مهمة جدًّا تحسن من استقرار الطفل النفسي، وتجعله يكتسب مهارات مفيدة ليكون أكثر اعتمادية على ذاته.

بالنسبة -لزوجك الفاضل- ومنهجه التربوي، فأرجو أن لا تنزعجي كثيرًا لهذا الأمر، وقد تستغربين لذلك، ولكن الذي أراه أن الناس تختلف في مناهجها، وأنت ربما تكونين مثالية أكثر من اللازم، –أرجو أن تسامحيننا في هذا-، فأنا أقول: إن منهجك هو المنهج الصحيح، ولكن المنظومة القيمية لديك قد تكون قوية جدًّا، وجعلتك لا تتقبلين منهج زوجك، نعم قد تكون هنالك أخطاء، ولكن الذي أنصحك به: لا تجعلي الشّقة تتباعد بينك وبين زوجك أبدًا، حدثيه في الأوقات الطيبة حين يكون مزاجه فيه جيدًا، ولا بد أن يكون منهج التفاوض التربوي بأسلوب مرن ولطيف، وأعتقد أنه -بإذن الله تعالى- سوف يتغير بالتدريج.

هنالك كتاب جيد للدكتور (مأمون مبيض)، بعنوان (أولادنا من الطفولة إلى الشباب)، يمكنك أن تحصلي على هذا الكتاب، وتجعلي زوجك يطلع عليه، ففيه أشياء كثيرة مفيدة.

نسأل الله لكم الصحة والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات