الباب الثالث
في الخلع .
- واسم الخلع والفدية والصلح والمبارأة كلها تؤول إلى معنى واحد وهو : بذل المرأة العوض على طلاقها ، إلا أن اسم الخلع يختص ببذلها له جميع ما أعطاها ، والصلح ببعضه ، والفدية بأكثره ، والمبارأة بإسقاطها عنه حقا لها عليه على ما زعم الفقهاء .
[ ص: 448 ] والكلام ينحصر في أصول هذا النوع من الفراق في أربعة فصول :
في جواز وقوعه أولا .
ثم ثانيا : في شروط وقوعه ( أعني : جواز وقوعه ) .
ثم ثالثا : في نوعه ( أعني : هل هو طلاق أو فسخ ؟ ) .
ثم رابعا : فيما يلحقه من الأحكام .
الفصل الأول
في جواز وقوعه .
- فأما جواز وقوعه : فعليه أكثر العلماء . والأصل في ذلك الكتاب والسنة .
أما الكتاب : فقوله تعالى : ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) .
وأما السنة : فحديث ابن عباس : " أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين ، ولكن أكره الكفر بعد الدخول في الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقبل الحديقة وطلقها طلقة واحدة " خرجه بهذا اللفظ البخاري ، وأبو داود ، والنسائي ، وهو حديث متفق على صحته .
وشذ أبو بكر بن عبد الله المزيني عن الجمهور ، فقال : لا يحل للزوج أن يأخذ من زوجته شيئا ، واستدل على ذلك بأنه زعم أن قوله تعالى : (فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) منسوخ بقوله تعالى : ( وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ) الآية . والجمهور على أن معنى ذلك بغير رضاها ، وأما برضاها فجائز .
فسبب الخلاف : حمل هذا اللفظ على عمومه أو على خصوصه .


