فصل في التعزير
( ومن قذف عبدا أو أمة أو أم ولد أو كافرا بالزنا عزر ) لأنه جناية قذف ، وقد امتنع وجوب الحد لعقد الإحصان فوجب التعزير ( وكذا إذا قذف مسلما بغير الزنا فقال : يا فاسق أو يا كافر أو يا خبيث أو يا سارق ) لأنه آذاه وألحق الشين به ولا مدخل للقياس في الحدود فوجب التعزير إلا أنه يبلغ بالتعزير غايته في الجناية الأولى ; لأنه من جنس ما يجب به الحد ، وفي الثانية الرأي إلى الإمام .
( ولو قال يا حمار أو يا خنزير لم يعزر ) لأنه ما ألحق الشين به للتيقن بنفيه ، وقيل : في عرفنا يعزر لأنه يعد شينا ، وقيل إن كان المسبوب من الأشراف كالفقهاء والعلوية يعزر لأنه يلحقهم الوحشة بذلك ، وإن كان من العامة لا يعزر وهذا أحسن . والتعزير أكثره تسعة وثلاثون سوطا وأقله ثلاث جلدات ، وقال أبو يوسف رحمه الله يبلغ بالتعزير خمسة وسبعين سوطا .
والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام { من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين }" وإذا تعذر تبليغه حدا .
[ ص: 174 ] فأبو حنيفة ومحمد رحمه الله نظرا إلى أدنى الحد وهو حد العبد في القذف فصرفاه إليه وذلك أربعون سوطا فنقصا منه سوطا .
وأبو يوسف رحمه الله اعتبر أقل الحد في الأحرار إذ الأصل هو الحرية ، ثم نقص سوطا في رواية عنه ، وهو قول زفر رحمه الله وهو القياس .
وفي هذه الرواية نقص خمسة وهو مأثور عن علي رضي الله عنه فقلده ، ثم قدر الأدنى في الكتاب بثلاث جلدات ; لأن ما دونها لا يقع به الزجر .
وذكر مشايخنا رحمهم اللهأن أدناه على ما يراه الإمام ، فيقدر بقدر ما يعلم أنه ينزجر لأنه يختلف باختلاف الناس .
وعن أبي يوسف رحمه الله : أنه على قدر عظم الجرم وصغره .
وعنه أنه يقرب كل نوع من بابه فيقرب اللمس والقبلة من حد الزنا ، والقذف بغير الزنا من حد القذف .
[ ص: 173 ]


