( وإذا كانت الجارية بين شريكين فجاءت بولد فادعاه أحدهما ثبت نسبه منه ) ; لأنه لما ثبت النسب في نصفه لمصادفته ملكه ثبت في الباقي ضرورة لأنه لا تجزأ لما أن سببه لا يتجزأ وهو العلوق ، إذ الولد الواحد لا يتعلق من ماءين ( وصارت أم ولد له ) لأن الاستيلاد لا يتجزأ عندهما .
( وعند أبي حنيفة رحمه الله يصير نصيبه أم ولد له ثم يتملك نصيب صاحبه إذ هو قابل للملك ويضمن نصف قيمتها ) لأنه تملك نصيب صاحبه لما استكمل الاستيلاد ، ويضمن نصف عقرها لأنه وطئ جارية مشتركة ، إذ الملك يثبت حكما للاستيلاد فيتعقبه الملك في نصيب صاحبه بخلاف الأب إذا استولد جارية ابنه ; لأن الملك هنالك يثبت شرطا للاستيلاد فيقدمه فصار واطئا ملك نفسه ( ولا يغرم قيمة ولدها ) لأن النسب يثبت مستندا إلى وقت العلوق فلم يتعلق شيء منه على ملك الشريك ( وإن ادعياه معا ثبت نسبه منهما ) معناه إذا حملت على ملكهما .
وقال الشافعي رحمه الله : يرجع إلى قول القافة ، لأن إثبات النسب من شخصين معا مع علمنا أن الولد لا ينخلق من ماءين متعذر فعملنا بالشبه .
[ ص: 45 - 46 ] وقد سر رسول الله عليه الصلاة والسلام بقول القائف في أسامة رضي الله عنه .
[ ص: 47 ] ولنا كتاب عمر رضي الله عنه إلى شريح في هذه الحادثة : لبسا فلبس عليهما ولو بينا لبين لهما هو ابنهما يرثهما ويرثانه ، وهو للباقي منهما وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم .
وعن علي رضي الله عنهم ثل ذلك ، ولأنهما استويا في ثبت الاستحقاق فيستويان فيه ، والنسب وإن كان لا يتجزأ ولكن تتعلق به أحكام متجزئة ، فما يقبل التجزئة يثبت في حقهما على التجزئة ، وما لا يقبلها يثبت في حق كل أحد منهما كاملا كأن ليس معه غيره ، إلا إذا كان أحد الشريكين أبا للآخر ، أو كان أحدهما مسلما والآخر ذميا لوجود المرجح في حق المسلم وهو الإسلام ، وفي حق الأب وهو ماله من الحق في نصيب الابن وسرور النبي عليه الصلاة والسلام فيما روي ; لأن الكفار كانوا يطعنون في نسب أسامة رضي الله عنه ، وكان قول القائف مقطعا لطعنهم فسر به ( وكانت الأمة أم ولدهما ) لصحة دعوة كل واحد منهما في نصيبه في الولد فيصير نصيبه منها أم ولد له تبعا لولدها ( وعلى كل واحد منهما نصف العقر [ ص: 48 ] قصاصا بما له على الآخر ، ويرث الابن من كل واحد منهما ميراث ابن كامل ) ; لأنه أقر له بميراثه كله ، وهو حجة في حقه ( ويرثان منه ميراث أب واحد ) لاستوائهما في النسب كما إذا أقاما البينة .


