[ ص: 209 ] ( فإن لم يجد إلا نبيذ التمر ، قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: يتوضأ به ولا يتيمم ) لحديث ليلة الجن ، فإن النبي عليه الصلاة والسلام توضأ به حين لم يجد الماء ، وقال أبو يوسف رحمه الله : يتيمم ولا يتوضأ به ، وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وبه قال الشافعي رحمه الله عملا بآية التيمم لأنها أقوى ، أو هو منسوخ بها لأنها مدنية ، وليلة الجن كانت مكية . [ ص: 210 - 217 ] وقال محمد به ويتيمم ، لأن في الحديث اضطرابا ، وفي التاريخ جهالة ، فوجب الجمع احتياطا .
قلنا : ليلة الجن كانت غير واحدة ; فلا يصح دعوى النسخ ، والحديث مشهور عملت به الصحابة رضي الله عنهم ، وبمثله يزاد على الكتاب ، وأما الاغتسال به فقد قيل : يجوز عنده اعتبارا بالوضوء ، وقيل : لا يجوز ; لأنه فوقه . والنبيذ المختلف فيه أن يكون حلوا رقيقا يسيل على الأعضاء كالماء ، وما اشتد منها صار حراما لا يجوز التوضؤ به وإن غيرته النار ، فما دام حلوا رقيقا فهو على الخلاف ، وإن اشتد ، فعند أبي حنيفة رحمه الله يجوز التوضؤ به ; لأنه يحل شربه عنده ، وعند محمد رحمه الله لا يتوضأ به لحرمة شربه عنده ، ولا يجوز التوضؤ بما سواه من الأنبذة جريا على قضية القياس .


