16601 وهو ما أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد ، أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار ، ثنا سعدان بن نصر ، ثنا سفيان ، عن عمرو سمع بجالة يقول : كنت كاتبا لجزي بن معاوية عم الأحنف بن قيس ، فأتانا كتاب عمر رضي الله عنه قبل موته بسنة : اقتلوا كل ساحر وساحرة ، وفرقوا بين كل ذي محرم من المجوس ، وانهوهم عن الزمزمة . فقتلنا ثلاثة سواحر وجعلنا نفرق بين المرأة وحريمها في كتاب الله عز وجل ، وصنع طعاما كثيرا ، وعرض السيف على فخذه ، ودعا المجوس فألقوا وقر بغل أو بغلين من فضة [ ص: 248 ] فأكلوا بغير زمزمة ، ولم يكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر .
( أخبرنا ) أبو سعيد ، ثنا أبو العباس ، ثنا الربيع قال : قال الشافعي : فقلت له : بجالة رجل مجهول ، وليس بالمشهور ، ولسنا نحتج برواية مجهول ، ولا نعرف أن جزي بن معاوية كان عاملا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم ساق الكلام عليه ، إلى أن قال : ولا نعلم أحدا من أهل العلم روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحكم بينهم إلا في الموادعين اللذين رجما ، ولا نعلم عن أحد من أصحابه بعده إلا ما روى بجالة مما يوافق حكم الإسلام ، وسماك بن حرب ، عن علي رضي الله عنه مما يوافق قولنا في أنه ليس على الإمام أن يحكم إلا أن يشاء ، وهاتان الروايتان - وإن لم تخالفانا - غير معروفتين عندنا ، ونحن نرجو أن لا نكون ممن تدعوه الحجة على من خالفه إلى قبول خبر من لا يثبت خبره بمعرفته عنده . كذا قال الشافعي رحمه الله في كتاب الحدود ، ونص في كتاب الجزية على أن ليس للإمام الخيار في أحد من المعاهدين الذين يجري عليهم الحكم إذا جاؤوه في حد الله وعليه أن يقيمه ، واحتج بقول الله عز وجل : { حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } قال : فكان الصغار - والله أعلم - أن يجرى عليهم حكم الإسلام ، وذكر في هذا الكتاب حديث بجالة في الجزية ، وقال : حديث بجالة متصل ثابت ؛ لأنه أدرك عمر رضي الله عنه ، وكان رجلا في زمانه كاتبا لعماله ، وكأن الشافعي رحمه الله لم يقف على حال بجالة بن عبد - ويقال : ابن عبدة - حين صنف كتاب الحدود ، ثم وقف عليه حين صنف كتاب الجزية إن كان صنفه بعده ، وحديث بجالة أحد ما اختلف فيه البخاري ومسلم ؛ فتركه مسلم ، وأخرجه البخاري في الصحيح ، عن علي بن عبد الله المديني ، عن سفيان بن عيينة ، وحديث علي رضي الله عنه مرسل ، وقابوس بن مخارق غير محتج به ، والله أعلم . قال الشافعي رحمه الله في القديم في كتاب القضاء : وقد زعم بعض المحدثين ، عن عوف الأعرابي ، عن الحسن .


