فالعتاب في السر خير من القطيعة ، والتعريض به خير من التصريح والمكاتبة خير من المشافهة والاحتمال خير من الكل إذ ينبغي أن يكون قصدك من أخيك إصلاح نفسك بمراعاتك إياه وقيامك بحقه واحتمالك تقصيره لا الاستعانة به والاسترفاق منه .
قال . أبو بكر الكتاني صحبني رجل وكان على قلبي ثقيلا فوهبت له يوما شيئا على أن يزول ما في قلبي فلم يزل فأخذت بيده يوما إلى البيت وقلت له : ضع رجلك على خدي ، فأبى ، فقلت : لا بد ، ففعل فزال ذلك من قلبي .
وقال أبو علي الرباطي صحبت عبد الله الرازي وكان يدخل البادية فقال علي : أن تكون أنت الأمير أو أنا ؟ فقلت : بل أنت فقال : وعليك الطاعة فقلت : نعم ؛ فأخذ مخلاة ووضع فيها الزاد وحملها ، على ظهره فإذا قلت له : أعطني قال : ألست قلت أنت الأمير ؟ : فعليك الطاعة فأخذنا المطر ليلة فوقف على رأسي إلى الصباح وعليه كساء وأنا جالس يمنع عني المطر ، فكنت أقول مع نفسي : ليتني مت ولم أقل أنت الأمير .


