( وتدخل أولاد البنات ) قريبهم وبعيدهم ( في الوقف على الذرية والنسل والعقب وأولاد الأولاد ) وإن بعدوا في غير الأخيرة لصدق كل من هذه الأربعة بهم ( إلا أن يقول ) الرجل ( على من ينسب إلى منهم ) لأنهم لا ينسبون إليه بل إلى آبائهم لقوله تعالى { ادعوهم لآبائهم } وأما خبر { ابني هذا سيد } في حق الحسن بن علي .
فجوابه أنه من الخصائص كما ذكروه في النكاح ، فإن كان الواقف امرأة دخل أولاد بناتها لأن ذكر الانتساب في حقها لبيان الواقع لا للإخراج ، فلا ينافيه قولهم في النكاح وغيره إنه لا مشاركة بين الأم وابنها في النسب إذ لو لم يصر كذلك لزم إلغاء الوقف أصلا .
فالعبرة فيها بالنسبة اللغوية لا الشرعية ، ويكون [ ص: 383 ] كلام الفقهاء محمولا على وقف الرجل كما قدرناه في كلامه .
نعم لو قال الواقف على الذين ينسبون إلي بأمهاتهم لم يكن لأولاد البنين فيه شيء .
واعلم أنه يقع في كتب الأوقاف ، ومن مات انتقل نصيبه إلى من في درجته من أهل الوقف المستحقين ، وظاهره أن المستحقين تأسيس لا تأكيد ، فيحمل على وضعه المعروف في اسم الفاعل من الاتصاف حقيقة بالاستحقاق من الوقف حال موت من ينتقل إليه نصيبه ، ولا يصح حمله على المجاز أيضا بأن يراد الاستحقاق ولو في المستقبل كما أفاد ذلك السبكي وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، لأن قوله من أهل الوقف كاف في إفادة هذا فيلزم عليه إلغاء قوله المستحقين لأنه لمجرد التأكيد والتأسيس خير منه فوجب العمل به ، ولو وقف على أولاده أو بنيه وبناته دخل الخنثى لعدم خروجه عنهم .
نعم يتجه أنه إنما يعطي المتيقن إذا فاضل بين البنين والبنات ويوقف الباقي إلى البيان ، ولا يدخل في الوقف على أحدهما لاحتمال أنه من الصنف الآخر .
قال الإسنوي : وهذا يوهم أن المال يصرف إلى من عينه من البنين أو البنات ، وهو غير مستقيم لأنا لا نتيقن استحقاقهم لنصيب الخنثى بل يوقف نصيبه إلى البيان كما في الميراث ، وقد صرح به ابن المسلم ورده الوالد رحمه الله تعالى بأن كلام الشيخين هو المستقيم لأن سبب الاستحقاق مشكوك فيه وفيمن عداه موجود وشككنا في [ ص: 384 ] مزاحمة الخنثى له والأصل عدمه ، فأشبه ما لو أسلم على ثمان كتابيات فأسلم منهن أربع أو كان تحته أربع كتابيات وأربع وثنيات فأسلم معه الوثنيات ومات قبل الاختيار ، أو طلق المسلم إحدى زوجتيه المسلمة والكتابية ومات قبل البيان فإن الأصح المنصوص أنه لا يوقف شيء للزوجات بل تقسم كل التركة بين باقي الورثة لأن استحقاق الزوجات غير معلوم .


