كتاب الرهن .
هو لغة : الثبوت ، ومنه الحالة الراهنة : أي الثابتة أو الحبس ، ومنه خبر { نفس المؤمن مرهونة بدينه حتى يقضى عنه دينه } أي محبوسة عن مقامها الكريم ولو في البرزخ إن عصى بالدين أو ما لم يخلف وفاء . [ ص: 234 ] أما من لم يقصر بأن مات وهو معسر وفي عزمه الوفاء متى تمكن فلا تحبس نفسه ، ومحل ذلك في غير الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لما في الصحيحين { أنه صلى الله عليه وسلم رهن درعه عند يهودي يقال له أبو الشحم على ثلاثين صاعا لأهله } إذ الأصح أنه مات ولم يفكه .
وشرعا : جعل عين مال متمولة وثيقة بدين ليستوفى منها عند تعذر وفائه وأصله قبل الإجماع آية { فرهان مقبوضة } أي فارهنوا واقبضوا لأنه مصدر : أي مفرده جعل جزاء للشرط بالفاء فجرى مجرى الأمر كقوله فتحرير رقبة فضرب الرقاب والوثائق بالحقوق ثلاثة : شهادة ورهن وضمان فالأول لخوف الجحد ، والآخران لخوف الإفلاس .
وأركانه : عاقد ومرهون ومرهون به وصيغة وبدأ بها لأهميتها فقال ( لا يصح ) الرهن ( إلا بإيجاب وقبول ) أو استيجاب وإيجاب كنظيره المار في البيع لأنه عقد مالي فافتقر [ ص: 235 ] إليهما مثله ، ومن ثم جرى خلاف المعاطاة .
ويؤخذ من هذا اشتراط مخاطبة من وقع معه العقد نظير ما مر في البيع وما بحثه بعضهم من صحة رهنت موكلك . وفرق بأن أحكام البيع تتعلق بالوكيل دون أحكام الرهن بعيد يرده ظاهر كلامهم وقد أفتى بخلافهالوالد رحمه الله تعالى ، ولو قال : دفعت إليك هذا وثيقة بحقك علي فقال : قبلت أو بعتك هذا بكذا على أن ترهنني دارك بكذا فقال : اشتريت ورهنت كان رهنا ( فإن شرط فيه مقتضاه كتقدم المرتهن به ) أي المرهون عند تزاحم الغرماء ( أو ) شرط فيه ( مصلحة للعقد كالإشهاد ) به ( أو ) شرط فيه ( ما لا غرض فيه ) كأن لا يأكل إلا كذا ( صح العقد ) كالبيع ولغا الشرط الأخير ( وإن ) ( شرط ما يضر المرتهن ) وينفع الراهن كأن لا يباع عند المحل أو إلا بأكثر من ثمن المثل ( بطل ) الشرط و ( الرهن ) لمنافاته لمقصوده ( وإن نفع ) الشرط ( المرتهن وضر الراهن كشرط منفعته ) من غير تقييد ( للمرتهن بطل الشرط وكذا الرهن في الأظهر ) لمخالفته لمقتضى العقد كالشرط المضر بالمرتهن .
والثاني لا يبطل بل يلغو الشرط ويصح لأنه تبرع فلم يؤثر فيه كما لو أقرضه الصحاح بشرط رد المكسرة والخلاف في رهن التبرع وكذا في الرهن المشروط في بيع في الأظهر وكون ما تقرر من البطلان هنا تبرعا فهو نظير ما مر آخر القرض لا نظر إليه لما مر آنفا من الفرق بينهما .
نعم لو قيدها بسنة مثلا وكان الرهن [ ص: 236 ] مشروطا في بيع فهو جمع بين بيع وإجارة فيصحان ( ولو ) ( شرط أن تحدث زوائده ) كنتاج وثمرة ( مرهونة ) ( فالأظهر فساد الشرط ) لعدمها مع الجهل بها ( و ) الأظهر ( أنه متى فسد ) الشرط ( فسد العقد ) أي عقد الرهن بفساده لما مر .


