وقريش هي التي تسكن البحر بها ... سميت قريش قريشا
سلطت بالعلو في لجة البحر على
... سائر الجيوش جيوشا
وقال الزمخشري : هي دابة عظيمة تعبث بالسفن ولا تطاق إلا بالنار، والتصغير للتعظيم - انتهى. وقيل: سموا بذلك لتجمعهم إلى الحرم بعد تفرقهم، فإن القرش - كما تقدم - الجمع، وكان المجمع لهم قصيا، والقرش أيضا الشديد، وقيل: هو من تقرش الرجل - إذا تنزه عن مدانيس [ ص: 262 ] الأمور، ومن تقارشت الرماح في الحرب - إذا دخل بعضها في [بعض -].
والمادة كلها للشدة والاختلاط، والتعبير بهذا الاسم لمدحهم. وكما أجرى سبحانه وتعالى مدحهم على الألسنة جعلهم موضعا للمدح، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله اصطفى كنانة من بني إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى بني هاشم من قريش واصطفاني من بني هاشم " وقال صلى الله عليه وسلم: " الأئمة من قريش " قال العلماء: وذلك أن طيب العنصر يؤدي إلى محاسن الأخلاق ، ومحاسن الأخلاق تؤدي إلى صفاء القلب، وصفاء القلب عون على إدراك العلوم، وبإدراك العلوم تنال الدرجات العلا في [الدنيا و -] الآخرة، وصرف الاسم هنا على معنى الحي ليكون الاسم بمادته دالا على الجمع، وبصرفه دالا على الحياة إشارة إلى كمال حياتهم ظاهرا وباطنا، قال سيبويه في معد وقريش وثقيف : صرف هذه الأحياء أكثر، وإن جعلتها اسما للقبائل - يعني فمنعتها - فجائز حسن، والذي يدل على تعلق اللام بفعل دلت عليه الفيل أن السورتين في مصحف أبي رضي الله عنه سورة واحدة من غير [ ص: 263 ] فصل، وأن عبد الرزاق وابن أبي شيبة رويا عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: صلى بنا عمر رضي الله عنه المغرب فقرأ في الأولى بالتين والزيتون، وفي الثانية ألم تر كيف ولئيلاف قريش.
وقال [الإمام] أبو جعفر بن الزبير : خفاء في اتصالهما أي أنه سبحانه وتعالى فعل ذلك بأصحاب الفيل ومنعهم عن بيته وحرمه لانتظام شمل قريش، وهم سكان الحرم وقطان بيت الله الحرام، وليؤلفهم بهاتين الرحلتين فيقيموا بمكة وتأمن ساحتهم - انتهى.


