ألم نهلك الأولين يعني من العصاة ، وفيمن أريد بهم وجهان :
أحدهما : قوم نوح عليه السلام لعموم هلاكهم بالطوفان لأن هلاكهم أشهر وأعم .
الثاني : أنه قوم كل نبي استؤصلوا ، لأنه في خصوص الأمم أندر . ثم نتبعهم الآخرين يعني في هلاكهم بالمعصية كالأولين ، إما بالسيف وإما بالهلاك . كذلك نفعل بالمجرمين يحتمل وجهين :
أحدهما : أنه تهويل لهلاكهم في الدنيا اعتبارا .
الثاني : أنه إخبار بعذابهم في الآخرة استحقاقا . ألم نخلقكم من ماء مهين فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : من صفوة الماء ، قاله ابن عباس .
الثاني : من ماء ضعيف ، قاله مجاهد وقتادة .
الثالث : من مني سائل ، قاله ابن كامل . فجعلناه في قرار مكين فيه وجهان :
أحدهما : قاله وهب بن منبه في رحم أمه لا يؤذيه حر ولا برد .
الثاني : مكين حريز لا يعود فيخرج ولا يبث في الجسد فيدوم ، قاله الكلبي . إلى قدر معلوم إلى يوم ولادته . فقدرنا فنعم القادرون في قراءة نافع مشددة ، وقرأ الباقون مخففة ، فمن قرأ بالتخفيف فتأويلها : فملكنا فنعم المالكون . ومن قرأ بالتشديد فتأويلها : فقضينا فنعم القاضون ، وقال الفراء : هما لغتان ومعناهما واحد .
[ ص: 179 ]
ألم نجعل الأرض كفاتا فيه أربعة تأويلات : أحدها : يعني كنا ، قاله ابن عباس .
الثاني : غطاء ، قاله مجاهد .
الثالث : مجمعا ، قاله المفضل .
الرابع : وعاء قال الصمصامة بن الطرماح
فأنت اليوم فوق الأرض حي وأنت غدا تضمك من كفات .
أحياء وأمواتا فيه وجهان :
أحدهما : أن الأرض تجمع الناس أحياء على ظهرها وأمواتا في بطنها ، قاله قتادة والشعبي .
الثاني : أن من الأرض أحياء بالعمارة والنبات ، وأمواتا بالجدب والجفاف ، وهو أحد قولي مجاهد .


