[ ص: 361 ] قوله : إنما يؤمن بآياتنا فيه وجهان :
أحدهما : يصدق بحجتنا ، قاله ابن شجرة .
الثاني : يصدق بالقرآن وآياته ، قاله ابن جبير .
الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا فيه وجهان :
أحدهما : الذين إذا دعوا إلى الصلوات الخمس بالأذان أو الإقامة أجابوا إليها قاله أبو معاذ ، لأن المنافقين كانوا إذا أقيمت الصلاة خرجوا من أبواب المساجد .
الثاني : إذا قرئت عليهم آيات القرآن خضعوا بالسجود على الأرض طاعة لله وتصديقا بالقرآن . وكل ما سقط على شيء فقد خر عليه قال الشاعر:
وخر على الألاء ولم يوسد كأن جبينه سيف صقيل
وسبحوا بحمد ربهم فيه وجهان :
أحدهما : معناه صلوا حمدا لربهم ، قاله سفيان .
الثاني : سبحوا بمعرفة الله وطاعته ، قاله قتادة .
وهم لا يستكبرون فيه وجهان :
أحدهما : عن عبادته ، قاله يحيى بن سلام .
الثاني : عن السجود كما استكبر أهل مكة عن السجود له ، حكاه النقاش .
قوله : تتجافى جنوبهم عن المضاجع أي ترتفع عن مواضع الاضطجاع قال ابن رواحة
يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
وفيما تتجافى جنوبهم عن المضاجع لأجله قولان :
أحدهما : لذكر الله إما في صلاة أو في غير صلاة قاله ابن عباس والضحاك .
[ ص: 362 ] الثاني : للصلاة - روى ميمون بن شبيب عن معاذ بن جبل قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقال : (إن شئت أنبأتك بأبواب الخير : الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة وقيام الرجل في جوف الليل، ثم تلا هذه الآية .
[ ص: 363 ] وفي الصلاة التي تتجافى جنوبهم لأجلها أربعة أقاويل :
أحدها : التنفل بين المغرب والعشاء ، قاله قتادة وعكرمة .
الثاني : صلاة العشاء التي يقال لها صلاة العتمة ، قاله الحسن وعطاء .
الثالث : صلاة الصبح والعشاء في جماعة ، قاله أبو الدرداء وعبادة .
الرابع : قيام الليل ، قاله مجاهد والأوزاعي ومالك وابن زيد .
يدعون ربهم خوفا وطمعا فيه وجهان :
أحدهما : خوفا من حسابه وطمعا في رحمته .
الثاني : خوفا من عقابه وطمعا في ثوابه .
ويحتمل ثالثا : يدعونه في دفع ما يخافون والتماس ما يرجون ولا يعدلون عنه في خوف ولا رجاء .
ومما رزقناهم ينفقون فيه أربعة تأويلات :
أحدها : يؤتون الزكاة احتسابا لها ، قاله ابن عباس .
الثاني : صدقة يتطوع بها سوى الزكاة ، قاله قتادة .
الثالث : النفقة في طاعة الله ، قال قتادة : أنفقوا مما أعطاكم الله فإنما هذه الأموال عواري وودائع عندك يا ابن آدم أوشكت أن تفارقها .
الرابع : أنها نفقة الرجل على أهله .
قوله : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين فيه قولان :
أحدهما : أنه للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ، قاله ابن مسعود .
الثاني : أنه للمجهدين قاله تبيع . وفي قرة أعين التي أخفيت لهم أربعة أوجه :
أحدها : رواه الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول [ ص: 364 ] الله صلى الله عليه وسلم : (قال الله عز وجل إني أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، اقرأوا إن شئتم : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين الآية .
الثاني : أنه جزاء قوم أخفوا عملهم فأخفى الله ما أعده لهم . قال الحسن: بالخفية خفية وبالعلانية علانية .
الثالث : أنها زيادة تحف من الله ليست في حياتهم يكرمهم بها في مقدار كل يوم من أيام الدنيا ثلاث مرات ، قاله ابن جبير .
الرابع : أنه زيادة نعيمهم وسجود الملائكة لهم ، قاله كعب .
ويحتمل خامسا : اتصال السرور بدوام النعيم .
جزاء بما كانوا يعملون يعني من فعل الطاعات واجتناب المعاصي .


