( ويباح قول ) أي : إنشاء ( شعر وإنشاده ) واستماعه ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان له شعراء يصغي إليهم كحسان وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك رضي الله عنهم وروى الخطيب في جامعه { أنه قرئ عند النبي صلى الله عليه وسلم قرآن وأنشد شعر فقيل يا رسول الله قرآن وشعر في مجلسك قال نعم } وأن { أبا بكرة قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أعرابي ينشد الشعر فقلت يا رسول الله القرآن أو الشعر فقال يا أبا بكرة هذا مرة وهذا مرة } { واستنشد من شعر أمية بن أبي الصلت مائة بيت } رواه مسلم أي : لأن أكثر شعره حكم وأمثال وتذكير بالبعث ولهذا { قال صلى الله عليه وسلم كاد أي : أمية أن يسلم } وروى البخاري { إن من الشعر لحكمة } واستحب الماوردي منه ما حذر عن معصية أو حث على خير ويؤيده ما مر من صحة إصداق تعليمه حينئذ ( إلا أن يهجو ) في شعره معينا غير حربي [ ص: 223 ] وإن تأذى قريبه المسلم بخلاف الذمي ؛ لأنه معصوم ومقتضى كلام بعضهم إلحاق كل مهدر بالحربي وهو ظاهر في المرتد دون نحو الزاني المحصن وغير متجاهر بفسق وغير مبتدع ببدعته فيحرم وإن صدق أو كان بتعريض كما في الشرح الصغير وترد به شهادته للإيذاء وأثم حاكيه دون منشئه إلا أن يكون هو المذيع له فيكون إثمه أشد .
( أو يفحش ) بضم أوله وكسر ثالثه أي : يجاوز الحد في الإطراء في المدح ولم يمكن حمله على المبالغة فيحرم أيضا ؛ لأنه حينئذ كذب وترد به الشهادة إن أكثر منه وإن قصد إظهار الصنعة لا إيهام الصدق قال ابن عبد السلام في قواعده : ولا تكاد تجد مداحا إلا رذلا ولا هجاء إلا نذلا ( أو يعرض بامرأة معينة ) بأن يذكر صفاتها من نحو طول وحسن وصدغ وغيرها فيحرم أيضا وترد به شهادته لما فيه من الإيذاء وهتك الستر إذا وصف الأعضاء الباطنة ومحله في غير حليلته ، أما هي فإن ذكر منها ما حقه الإخفاء كما يتفق بينهما عند الخلوة حرم كما في شرح مسلم لكن جزما بكراهته وردت شهادته أيضا وإلا فلا ؛ لأن كعب بن زهير رضي الله عنه شبب بزوجته بنت عمه سعاد في قصيدته بانت سعاد المشهورة وأنشدها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه وخرج بالمرأة الأمرد فيحرم وإن لم يعينه على ما قاله الروياني ؛ لأنه لا يحل بحال بل يفسق إن ذكر أنه يعشقه لكن اعتبر البغوي وغيره تعيينه أيضا ونازع ابن الرفعة الروياني في إطلاق الفسق بأنه ليس من لازم عشقه أن يكون بشهوة محرمة ولهذا عدوا من الشهداء الميت عشقا وفيه نظر ؛ لأن شرطه [ ص: 224 ] أن يكتم ويعف .
وهذا لم يكتم على أن الزركشي وغيره قيدوا الشهادة بعشق غير الأمرد وبالمعينة غيرها فلا إثم فيه ولا ترد به الشهادة ؛ لأن غرض الشاعر تحسين صنعته لا تحقيق المذكور قيد ومحله إن لم يكثر منه لبناء الشيخين الإطلاق على ضعيف ويقع لبعض فسقة الشعراء نصب قرائن تدل على التعيين وهذا لا شك أنه معين


