من عقلاء الناس وفصائحهم، من وجوه أهل البصرة، مات بالكوفة سنة سبع وستين في إمارة ابن الزبير وصلى عليه مصعب [ ص: 701 ] بن الزبير ، ومشى في جنازته بلا رداء.
وقال مالك: قال معاوية ، للأحنف بن قيس: بم سدت قومك؟ قال: لا أتكلف ما كفيت، ولا أضيع ما وليت.
وقال ابن المبارك: قيل للأحنف: بم سدت قومك؟ قال: لو عاب الناس الماء ما شربته.
وقيل للأحنف: مالك لا تمس الحصا؟ قال: ما في مسه أجر، ولا في تركه وزر.
وقال: إن في لخلتين لا أغتاب جليسا إذا قام من عندي، ولا أدخل في أمر قوم لم يدخلوني معهم فيه.
وقال السدي: عاشت بنو تميم بحكم الأحنف أربعين سنة.
وقال خالد بن صفوان: سألني سليمان بن عبد الملك ، كيف سادكم الأحنف وليس بأشرفكم، ولا أكثركم مالا؟ قلت: إن شئت في ثلاث، وإن شئت في خصلتين، وإن شئت في واحدة.
قال: في ثلاث، قلت: كان لا يحسد، ولا يحرص، ولا يدفع الحق إذا وجب.
قال: في ثنتين، قلت: كان يلقي الخير، ويوقي الشر.
قال: في واحدة، قلت: لم يكن أحد [ ص: 702 ] له من السلطان على نفسه ما كان له على نفسه.
قال: أجملت.
وروي عن سلمة بن منصور ، قال: كان عامة صلاة الأحنف بالليل، وكان يضع السراج قريبا منه، فربما وضع إصبعه عليه، ويقول: حس يا أحنف ، ما حملك يوم كذا على أن فعلت كذا.
وقال مغيرة: اشتكى ابن أخي الأحنف إليه وجع ضرسه، فقال له: لقد ذهبت عيني منذ عشرين سنة ما ذكرتها لأحد.
وقال ابن المبارك: لم تر الخيل البلق بعد وقعة الأحنف بخراسان مع الهياطلة من الترك، وهو يرتجز:
إن على كل رئيس حقا أن يخضب الصعدة أو تندقا
واستعمل على الميمنة رجلا يقرأ: البقرة.وعلى الميسرة رجلا يقرأ: آل عمران.
وهو في أربعة آلاف، وهم في ثلاث مائة ألف، فنصره الله عليهم [ ص: 703 ] .
وقال ابن المبارك: شتم رجل الأحنف ، فلما فرغ، قال الأحنف: ستر الله الأكثر.
وقيل للأحنف: لئن قلت واحدة لتسمعن عشرا، قال الأحنف: لكنك لو قلت عشرا لا تسمع واحدة.


