الحادية عشرة: إذا روى ثقة عن ثقة حديثا ورجع المروي عنه فنفاه، فالمختار أنه إن كان جازما بنفيه بأن قال: "ما رويته، أو كذب علي" أو نحو ذلك، فقد تعارض الجزمان، والجاحد هو الأصل، فوجب رد حديث فرعه ذلك، ثم لا يكون ذلك جرحا له يوجب رد باقي حديثه؛ لأنه مكذب لشيخه أيضا في ذلك، وليس قبول جرح شيخه له بأولى من قبول جرحه لشيخه، فتساقطا.
أما إذا قال المروي عنه: "لا أعرفه. أو: لا أذكره" أو نحو ذلك، فذلك لا يوجب رد رواية الراوي عنه.
ومن روى حديثا ثم نسيه لم يكن ذلك مسقطا للعمل به عند جمهور أهل الحديث، وجمهور الفقهاء، والمتكلمين، خلافا لقوم من أصحاب أبي حنيفة صاروا إلى إسقاطه بذلك، وبنوا عليه ردهم حديث سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا نكحت المرأة بغير إذن وليها، فنكاحها باطل..." الحديث، من أجل أن ابن جريج قال: "لقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه".
وكذا حديث ربيعة الرأي عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين" فإن عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال: "لقيت سهيلا فسألته عنه فلم يعرفه".
[ ص: 591 ]


